Skip to main content

في الوقت الذي يحتفل فيه المصريون بالعيد الأول لثورتهم التي أطاحت بمبارك ، ترى ماري روبنسون أنه قد آن أوان تحدي المعايير الذكورية التي لاتزال تقيد المشاركة السياسية للمرأة- إذ يتوقف مستقبل مصر وتمتعها بالعدالة والديمقراطية والرخاء على تلك المشاركة.

نحتفل هذا الأسبوع بذكرى الثورة المصرية. مر عام على المشهد المدهش الذي رأينا فيه الرجال والنساء، المسلمين والمسيحيين، النشطاء مخضرمين ومتظاهرين للمرة الأولى يملؤون ميدان التحرير ومصر بأكملها طلبا لإنهاء حكم استبدادي.

نساء ثائرات

أعرف أن المصريات صاحبات تاريخ طويل يدعو للفخر في النشاط السياسي والتظاهر، خاصة في ثورة 1919، منذ قرابة القرن. ومع ذلك، يبقى المجتمع المصري بالأساس مجتمعاً ذكورياً، وتوجد هوة كبيرة بين قوانين الدولة التي لا تضع قيودا على المشاركة السياسية للمرأة من جهة وبين العادات والتقاليد التي غالباً ماتحد من تلك المشاركة من جهة أخرى.

كانت ثورة العام المنصرم فرصة للنساء والرجال على حد سواء بألا يكتفوا بدور المشاهد السلبي لمصير بلادهم. لقد ألهمتني رؤية نساء شجاعات يتحلين بالعزيمة، من صحفيات وطالبات وربات بيوت، في المقدمة في المظاهرات السلمية.

وفي الشهور التي أعقبت الثورة، رفضت النساء إرهابهن ليخضعن. فقد استخدم الجنود والشرطة اساليب عنيفة لاستهداف المتظاهرات، بما في ذلك التحرش الجنسي والضرب و"اختبار العذرية" المروع. كانت إحدى هذه الاعتداءات البشعة التي تعرضت لها "الفتاة المجهولة ذات حمالة الصدر الزرقاء" هي التي أدت إلى اندلاع المظاهرة النسائية الأكبر في تاريخ مصر الحديثة، إذ استفز الاعتداء نساء مصر ليخرجن بالآلاف إلى الشوارع.

ليست ثورة للنساء

كان يحدوني الأمل في أن تفتح الثورة المصرية آفاقا أرحب للمشاركة السياسية لجميع أطياف المجتمع المصري. بيد أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي شهد المراقبون الدوليون بأنها تمت في جو من الحرية والشفافية إلى حد كبير، مثلت نكسة لقطاع واحد ألا وهو النساء.

ترشحت 376 امرأة في البرلمان لم تنجح منهن سوى ثمانية. وهذا يعني أن النساء يمثلن اقل من 2% من المقاعد في البرلمان الجديد، والذي انعقدت أولى جلساته هذا الأسبوع. وهذا يسترعي الدهشة إذ إن النسبة نفسها تبلغ 13% في العالم العربي وترتفع إلى 19 % عالميا.

بعد سقوط مبارك، ألغى المجلس العسكري نظام الكوتا الذي استحدثته حكومة مبارك حيث كان يضمن حصول المرأة على 64 مقعدا على الأقل. وبما أن هذا النظام ارتبط بالفساد وبانتخابات 2010 سيئة السمعة ، بدا أن هذا النظام الذي كان يعد تمييزا في صالح المرأة غير مقبول الآن. والتحدي الآن هو إيجاد طريقة جديدة تضمن مشاركة المرأة سياسيا.

لابد للنساء أن يكن قلب مصر الجديدة النابض

لايتحقق الانتقال نحو الديمقراطية بين عشية وضحاها بل ولاحتى في عام. في هذا الأسبوع، يتأمل المصريون إنجازات الثورة التي لم يكن الكثيرون يتخيلون مشاهدتها، مثل إجراء أول انتخابات حقيقية حرة في تاريخ مصر. لقد مكنت الثورة ملايين المصريين من التغلب على قرون من الحكم الاستبدادي، بيد أنها لم تكن ثورة لتحقيق المساواة بين الجنسين.

إنه كفاح يقع على عاتق الرجال والنساء على حد سواء وهو كفاح بدأ لتوه. لايمكننا افتراض أن القيادة الجديدة في مصر ستضع بشكل بديهي العدالة وحقوق النساء في مقدمة أولوياتها. ثمة حاجة إلى جهود واعية وإلى تخطيط يهدف لمشاركة المرأة في عملية صياغة الدستور والانخراط في عملية صنع القرار والشؤون العامة للبلاد.

وإذا كان لمصر أن تزدهر لتصير بالشكل الذي صبا مواطنوها إليه وكافحوا من أجله، فإنه لايجب أن تقصى النساء في تلك المسألة, إنني اشك في أن الثورة كانت ستنجح دون مشاركة المصريات. وأنا على يقين من أن بناء مصر جديدة يسودها العدل والديمقراطية والازدهار يتوقف على مشاركتهن.

Share this article

Keep up to date with The Elders’ COVID-19 digest:

Sign up to receive regular updates about The Elders’ activities during the COVID-19 pandemic. We will never share your email address with third parties.

Keep up to date with The Elders latest News and Insight:

Sign up to receive monthly newsletters from The Elders. We will occasionally send you other special updates and news, but we'll never share your email address with third parties.

Close

I would like to find:

Search
Close