Skip to main content
Opinion

الجيش والسياسيون والدستور: لماذا من المهم للمصريين جميعا تحديد العلاقة بينهم بشكل صحيح

Share this:

"الشعب المصري متحمس لمستقبل بلده – ويرفض أن يتم تجاهله بعد الآن". يتناول مارتي أهتيساري بعض التحديات الرئيسية التي تواجه ميلاد الديمقراطية المصرية، قائلا أنه توجد فرصة للحوار الوطني والتي قد تقود الى صياغة دستورٍ جديدٍ يلبي احتياجات وتطلعات جميع أفراد المجتمع.

بدون شك سيواجه الرئيس الجديد لمصر، أيما كان، العديد من التحديات. ولكن هناك تحديان إثنان على وجه الخصوص، سيحددان بصورةٍ دقيقةٍ مستقبل الرئاسة وهما: صياغة الدستور الجديد والدور المستقبلي للقوات المسلحة في الديمقراطية المصرية الناشئة.

فالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية، لم تسفر عن نتيجة حاسمة. وسيتوجب الانتظار حتى جولة الإعادة، والمقررة يومي السادس عشر والسابع عشر من يونيو/حزيران. إلا أن الجولة الأولى أثبتت على الأقل أمرا غاية في الاهمية: وهو أن المصريين من جميع الطوائف والفئات مصرون اليوم على حقهم افي ابداء رأيهم في مستقبل بلدهم.

وفي الوقت ذاته، يبدو أن بعض الأمورالمقاومة للتغيير بشدة. ولعل أبرزها يتمثل في دور المجلس العسكري في مستقبل مصر الديمقراطي. حيث أن الدور الجديد للمجلس العسكري يجب أن يتم تحديده.

دور المجلس العسكري والقوات المسلحة في الدولة المصرية الجديدة

إن إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة تسليم السلطة مع نهاية شهر يونيو/حزيران، بعد الإنتهاء من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، يعد إشارة مشجعة. إلا أنه ما زال غير جليا ماهية الدور الذي سيلعبه الجيش في الدولة المصرية الجديدة. فقد أعلن المجلس العسكري في العديد من المناسبات أنه لا يرغب في البقاء في السلطة. ولكن من غير الواضح ما يعنيه ذلك من ناحية عملية. وفي الوقت الحالي، علينا أن ننتظر لنرى، اذا ما كان يرغب المجلس العسكري في التوقف عن التدخل في العملية البرلمانية والدستورية، وهو ما يعنيه الفصل الكامل للسلطات.

إن عملية التغيير يحب ان تشمل تخلي الجيش عن الامتيازات التي تمتع بها لعقود، والتي لا تتماشى مع مفهوم الدولةٍ الديمقراطية. وسيتضمن ذلك وقف تمتع الجيش بالحصانة القانونية أي أنه لن يكون فوق سلطة القانون. وسيشمل كذلك خضوع الجيش للمساءلة والشفافية في كافة الشؤون المتعلقة بالميزانية. وكخطوة أولى، هذا يعني نشر الميزانية العسكرية على الملأ. وأخيراً، سيعني ذلك أيضاً وضع حدود وحواجز لإمبراطورية الأعمال الخاصة بالجيش والتي وفقاً لبعض التقديرات تُشكل ثلث اقتصاد البلاد.

وكما كان الحال في تركيا لعقود عديدة، وفي بعض دول أمريكا اللاتينية والتي قضت وقتاً طويلاً تحت الحكم العسكري، فإن القوات المسلحة المصرية ترى نفسها على أنها المدافع عن الدولة. والمشكلة هنا تتمثل في أنه على عكس ما يعتقدون، فإن رؤيتهم للدولة قد لا تشاركهم بها الأغلبية في مصر.

المصالح التنافسية التي أخرجت صياغة الدستور الجديد عن مسارها الصحيح

هناك الآن صراع ثلاثي حول مستقبل مصر ويتضمن أنصار الرئيس السابق مبارك في الجيش وحلفائهم المخلصين في القطاع الخاص، وبين الأحزاب الإسلامية في البلاد، وبين القوى التي قادت المطالبة بالحرية والديمقراطية منذ العام الماضي في ميدان التحرير.

من جهة، بالامكان تفهم الاسباب وراء دعوة بعض الأطراف لتعجيل تلك العملية. حيث أن الحاجة ملحة إلى مجموعة من القوانين المؤقتة التي يمكن أن تملأ الفراغ الدستوري الحالي في البلاد. وبدون ذلك، سيكون الشعب المصري في وضعٍ حرجٍ، حيث سيكون ملزماً بالاختيار ما بين مرشحي الرئاسة في وقت لا يملك فيه أدنى فكرة عن الصلاحيات والسلطات التي سيتمتع بها أول رئيس مدني للبلاد. كما أن الشعب لن يعرف كيف ستكون علاقة هذا الرئيس بالأجهزة الأخرى في الدولة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن فكرة صياغة وثيقةٍ هامةٍ مثل هذه على عجل، دون أن تعكس رأي قطاع عريض من المجتمع المصري ومن دون تشاور، أمر مقلق للغاية.

فعندما حاول الإسلاميون الذين يفرضون سيطرتهم على مجلسي الشعب والشورى، في مارس/أذار الماضي اختيار أفراد اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور من أنصارهم، اعترض كلٌ من المجلس العسكري والنشطاء الليبراليين على ذلك بشدة. وكانت النتيجة أن أمرت المحكمة الإدارية العليا في القاهرة بحل اللجنة وتعليق عملية حيوية هامة وهي صياغة دستور جديد للبلاد بشكل فوري.

وتعاني الان محاولة ثانية للاتفاق على تشكيلة اللجنة الدستورية من خلاف مستمر. ومما يبعث على الفزع أن العملية أصبحت مسيسة جدا وأنها تخلق حالة من عدم اليقين مما يوفر تربة خصبة لأولئك ذوي النوايا المشكوك فيها والذين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية وليس مصلحة البلد. ولكن من المحن تأتي الفرص.

فرصة لدستور مصري حقيقي

أعتقد أن هناك فرصة لبداية جديدة لعملية صياغة الدستور. فرصة تعكس الواقع الحالي، وتعكس أفضل الممارسات الديمقراطية وتمثل احتياجات ومصالح كل قطاعات المجتمع. وفي الواقع المثالي فان عملية الصياغة يجب أن تبدأ من جديد، وأن تبنى على أساس أكثر شمولاً، وذلك مباشرة بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في البلاد في نهاية هذا الشهر وبعد أن يتم تقبل النتائج – كما آمل – من جميع الاطراف المعنية. وبدون المواعيد النهائية المصطنعة لتقييد الحوار الوطني، سيكون هناك وقتٍ للجميع ليحصلوا على فرصة للتعبير عن آرائهم.

وعندما يتم استئناف العملية، سيكون أمام أعضاء لجنة صياغة الدستور سابقةً ممتازة في دستور مصر لعام 1923، والذي خدم البلاد بصورةٍ جيدةٍ حتى الإنقلاب العسكري في عام 1952. وتتمتع مصر بوجود العديد من الفقهاء الدستوريين. وعلاوةً على ذلك، والأمر الأكثر أهميةٍ، يوجد في مصر شعب شغوفا بمستقبل بلده ويرفض أن يتم تجاهله بعد الآن.

وما يحتاجه ويستحقه المصريون في مثل هذه الأوقات هو الإحساس بوضوح الاتجاه، مصحوبا بضماناتٍ بأن آرائهم سيُؤخذ بها في الحسبان أثناء تشكيل مستقبل وطنهم التاريخي والذي يفخرون به جميعاً. وأمامهم فرصة الآن لتحديد مسار بلدهم لعقود مقبلة.

Share this article

Keep up to date with The Elders’ COVID-19 digest:

Sign up to receive regular updates about The Elders’ activities during the COVID-19 pandemic. We will never share your email address with third parties.

Keep up to date with The Elders latest News and Insight:

Sign up to receive monthly newsletters from The Elders. We will occasionally send you other special updates and news, but we'll never share your email address with third parties.

Close

I would like to find:

Search
Close