القدس الشرقية: من المسؤول عن هذا العنف؟
تصف تالي نير العنف و التمييز الموجهين ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية وتوضح أنه من المطلوب إتباع نهج جديد يضمن احترام حقوق كل السكان.
عندما نسمع عن قضية القدس الشرقية، أول ما يخطر على بال الكثيرين هو العنف. وسواء نتصور أطفالاً فلسطينيين يلقون الحجارة أو قوات الأمن الإسرائيلية تطلق الغاز المسيل للدموع، فإنه بلا شك يظهر أن العنف دائماً يتفجر في هذه المنطقة.
وعلى هذا الهامش قُتل المواطن في حي سلوان سمير سرحان برصاص ضابط إسرائيلي في سبتمبر / أيلول الماضي. وكما كان متوقعاً، قابلت الشرطة سكان سلوان بردود فعل قاسية عندما قاموا بتظاهرات غاضبة.
في إبان هجوم بغاز مسيل للدموع ضد المتظاهرين، لقي محمد أبو شارة، وهو طفل عمره 14 شهراً، مصرعه في منزله الواقع في حي عيسوية. ووفقاً لوالديه، تسرب الغاز من نافذته وقتله خنقاً.
وتم وضع الضابط المدعى عليه بإطلاق الغاز تحت الإقامة الجبرية عدة ساعات بعد الحادثة، إلا أن كثيراً من الأطفال والكبار الفلسطينيين في هذا الحي تم اعتقالهم في الأسابيع التالية، وكثير من هؤلاء بقوا في السجن لعدة أيام.
كانت هذه الحوادث التي انتهت بتطبيق تمييزي للقانون صعبة ولكن غير مدهشة لنا فنحن نعرف جيداً السياسات السارية في القدس الشرقية والحياة اليومية لسكانها.
ومؤخراً، قمنا في جمعية حقوق المواطن في إسرائيل بإصدار تقرير تحت عنوان "المساحة غير الآمنة" وهو يفصل النواحي الكثيرة التي يؤثر فيها وجود المستوطنين اليهود في أحياء القدس الشرقية على حياة الفلسطينيين.
والتطبيق التمييزي للقانون معناه أن المستوطنين المقيمين في قلب الأحياء الفلسطينية أو المشبوهين في جرائم عنف لا يواجهون تقريباً المحاكمة أبداً. فقد تحول ضباط وزارة الإسكان إلى شرطة لليهود وحدهم، بينما تحرص شرطة القدس، والتي من المفترض أن تتولى أمن الجميع، على حماية السكان اليهود قبل أية مجموعة أخرى مما يؤجج النار أكثر.
وفي الصراع السياسي حول السيطرة على القدس الشرقية، فعندما تتحيز السلطات ظاهرياً مع المستوطنين والجمعيات السياسية التي تسعى إلى "تهويد" الأحياء الفلسطينية، يكون السكان الفلسطينيون هم الخاسرون في الحقيقة نظراً إلى ضياع أمنهم الشخصي.
وتعيش القدس الشرقية واقعاً يخالف تصور العامة في إسرائيل لها إلى حد بعيد. فطبقاً لتقارير متزايدة، يتعرض المقيمون هناك هم وأطفالهم للعنف على يد اليهود من المستوطنين، وضباط الأمن الخاص، والشرطة، وحتى الجنود الإسرائيليين مؤخراً. ويصف هؤلاء هذه الهجمات الجسدية بأنها تكون بالذخيرة الحية مستهدفة جميع السكان بعشوائية وليس المشبوهين منهم فحسب.
لا يوجد أي مبرر إلى رمي الأحجار أو إلى ممارسة أي نوع آخر من العنف، سواء على يد المدنيين أو الشرطة أو الضباط أو الجنود. فلا يؤدي العنف إلى حل بل إلى زيادة العنف. فقد يكسر العنف إرادة البعض إلا أن البعض الآخر سوف يسعى إلى انتقام أشد عنفاً. وعلى السلطات إدراك هذه الحقيقة وإيجاد مناهج بديلة للقيام بواجباتها في تطبيق القانون بشكل أكثر عدالةً.
ويجب إطلاق التحقيقات الجدية والموضوعية على الفور في الوفيات في سلوان وعيسوية كما يجب معاقبة مرتكبي جميع أشكال العنف معاقبة شرعية. ومن الضروري تلقين قوات الأمن على الأرض كيفية تجنب الأفعال العنيفة والمثيرة للشغب والتي لا تؤدي إلى شيء غير زيادة التوترات.
وسعياً لهذا، فعلى المسؤولين على المستوى السياسي والتنفيذي إظهار الحكمة والشجاعة أثناء تقديم السياسات التي تضمن احترام جميع سكان القدس الشرقية وحقوقهم.
المحامية طالي نير هي مديرة برنامج القدس الشرقية وقسم الحقوق الاجتماعية الاقتصادية في جمعية حقوق المواطن في إسرائيل.