منظمة الشيوخ تحذِّر من عواقب "واقع الدولة الواحدة" وتبعياته في إسرائيل وفلسطين
تل أبيب، الخميس - 22 يونيو/حزيران 2023
حذَّر رئيس منظمة الشيوخ ونائبه اليوم من "واقع الدولة الواحدة"، حيث يقضي بسرعة كبيرة على الاحتمال المُتوقع، حسب ما ورد في اتفاقيات أوسلو لعام 1993، وهو "حل الدولتين"؛ وذلك تحقيقًا للسلام والأمن لكلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.
فيما تُخِل الحكومة الإسرائيلية بالمُثل الديمقراطية لدولتها بعد أن أعلنت نيتها ممارسةَ السيادة على جميع الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، ما يؤدي إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره، والمخاطرة باندلاع موجات عنف لا يمكن السيطرة عليها من كلا الجانبين.
هذا ما صرحت به ماري روبنسون؛ رئيس منظمة الشيوخ، والرئيس السابق لأيرلندا والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبان كي مون؛ نائب رئيس منظمة الشيوخ والأمين العام السابق للأمم المتحدة، في ختام زيارتهما التي استغرقت ثلاثة أيام إلى إسرائيل وفلسطين. وقد التقيا مجموعةً من القادة السياسيين من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ومنظمات المجتمع المدني، ودبلوماسيين أجانب، وأعضاء سابقين في الخدمة العسكرية والدبلوماسية الإسرائيلية.
كما لمسا بأنفسهما بعض الحقائق على أرض الواقع، واستمعا إلى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والفلسطينية والدولية بشأن الأدلة التي تتزايد باستمرار لتؤكد على توافق الوضع الراهن مع التعريف القانوني الدولي لنظام الفصل العنصري: توسيع المستوطنات اليهودية غير الشرعية وترسيخ جذورها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وإقامة أنظمة قانونية مزدوجة وبنية تحتية بهدف الفصل في الأراضي المحتلة، والتمييز المؤسسي والانتهاكات التي تُرتكب في حق الفلسطينيين.
بينما لم يحصلا على أي أدلة مُفَصَّلة تدحض تهمة ارتكاب إسرائيل للفصل العنصري. وعلى الجانب الآخر، تُظهر تصريحات الحكومة الإسرائيلية الحاليَّة وسياساتها –التي تنص مبادئها التوجيهية الائتلافية على أن "الشعب اليهودي يمتلك الحق الحصري وغير القابل للتصرف على جميع أجزاء أراضي إسرائيل"– النية الواضحة للحكومة لمتابعة احتلال الأراضي بشكل دائم بدلًا من الصيغة المؤقتة، استنادًا إلى مبدأ السيادة اليهودية. وتشمل الإجراءات نقل السلطات الإدارية في الضفة الغربية المحتلة من الهيئات العسكرية إلى الهيئات المدنية، وتسريع إجراءات الموافقة على بناء المستوطنات، وإنشاء بنية تحتية جديدة ستجعل الدولة الفلسطينية غير صالحة للحياة مستقبلًا.
هذا وقد حذَّر "روبنسون" و"مون" من أن مثل هذا الوضع سيتسبب في تداعيات بالغة على مكانة إسرائيل الديمقراطية التي تفخر بها. كما أنه يُخل بمصداقية المجتمع الدولي باعتباره الضامن لتطبيق نظام عالمي قائم على أسس وقواعد. وأكدا أنه إذا لم تغيِّر الحكومة الإسرائيلية المسار الحالي التي تتبناه، سينبغي للدول المهتمة بسيادة القانون الدولي، أن تنظر في اتخاذ تدابير جادة قابلة للتنفيذ لزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتفي بالتزاماتها الدولية.
كما دق "روبنسون" و"مون" ناقوس الخطر بشأن تصاعد مستوى العنف منذ نهاية الانتفاضة الثانية في عام 2005. كما أدانا عمليات القتل المُرتكبة خلال الأسبوع الماضي حيث قُتل مدنيون فلسطينيون على يد قوات الأمن الإسرائيلية في جنين، وقُتل مستوطنون إسرائيليون على يد أعضاء حركة حماس في الضفة الغربية، وقُتل أحد المدنيين الفلسطينيين على يد مستوطنين إسرائيليين. تتحمل القيادة الفلسطينية مسؤولية القيام بكل ما يُمكن القيام به لمنع شن الهجمات الإرهابية التي تتسبب في بث مخاوف حقيقية وهائلة بين صفوف المستوطنين الإسرائيليين. وحذرا من أن مثل هذه الحوادث ستتضاعف وتتصاعد حدتها ما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية لهذا الصراع.
قالت ماري روبنسون؛ رئيس منظمة الشيوخ، والرئيس السابق لأيرلندا والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان:
"لقد صُدمت بشدة من التغييرات التي رأيتها في زيارتي الأولى لهذه المنطقة منذ سنوات عديدة. حيث رَسَّخَت سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فكرة اضطهاد الفلسطينيين، كما أنها تمثل تهديدًا للأمن والديمقراطية التي لطالما طالب بها الإسرائيليون بشدة. في غضون ذلك، لا تتمتع القيادة الفلسطينية بثقة شعبها، إذ يؤدي طول فترة الانتظار لإقامة انتخابات، وتوسع الفراغ الديمقراطي، وتقليص حيز الحقوق المدنية، إلى زيادة التطرف والعنف. يجب على جميع الأطراف، بما في ذلك المجتمع الدولي، التصرفُ على نحو عاجل لتجنُّب الانحدار للهاوية والتسبب في حدوث موجات عنف لا يمكن السيطرة عليها".
وأعرب "روبنسن" و"مون" عن تضامنهما مع الإسرائيليين المحتجين على الخطط المُقترحة التي أعلنت عنها حكومتهم لإضعاف استقلال القضاء، وشجعا المُحتجين على مكافحة التأثير المدمر للاحتلال، الذي دام 56 عامًا، في الديمقراطية الإسرائيلية.
كما حثَّا المجتمع الدولي على معالجة ازدواج المعايير فيما يتعلق بانتهاكات القانون الدولي. يتناقض اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من قِبل المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا بشكل صارخ مع عدم إحراز تقدم يُذكر في ملف تحقيق المحكمة الجنائية في الجرائم المزعومة المُرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. وبالإضافة إلى القضية المعروضة أمام محكمة العدل الدولية (ICJ) وعمل لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، فإن قضية المحكمة الجنائية الدولية هي الاختبار الأساسي لمصداقية النظام الدولي الذي من دوره محاسبة كل من يخالف القانون الدولي.
وقد صرح بان كي مون؛ نائب رئيس منظمة الشيوخ، والأمين العام السابق للأمم المتحدة قائلًا:
"سأترك قضية إسرائيل وفلسطين وقلبي مملوء بالأحزان. لقد شاهدت واستمعت إلى أدلة دامغة بشأن "واقع الدولة الواحدة"، وإفلات منتهكي القانون الدولي وحقوق الإنسان من العقاب بشكل منهجي. هناك حالة من العجز في الرؤية السياسية والقيادة في إسرائيل وفلسطين، وكذلك وبين حلفاء إسرائيل، الذين سرعان ما يعودون إلى اتباع نهج قصير المدى. فشعبا إسرائيل وفلسطين، والعالم أجمع يستحقون أفضل من ذلك. و الآن، قبل فوات الأوان".
-انتهى
استفسارات وسائل الإعلام
William French, Head of Communications (+44 7795 693 903) email: [email protected]